تعیش السعودیة هذه الأیام أزمة مركبة على أكثر من صعید، لعلّ أثقلها على كاهل المواطن السعودیة أو الأسرع تأثیراً علیه، هی الأزمة الاقتصادیة، اذ أن استمرار الحرب على الیمن وزیادة نفقات التسلح وبقاء أسعار النفط منخفضة تزید التأثیرات السلبیة على الاقتصاد السعودی المنهك بعجز یفوق 53 ملیار دولار هذا العام فقط.
اذ تؤكد دراسات اعدها صندوق النقد الدولی، ان الحرب السعودیة على الیمن كلفت الریاض ثمناً باهظاً، لیس فقط فی تشویه سمعة السعودیة المشوهة أصلاً بسبب جرائمها فی الیمن ودعمها للجماعات الارهابیة والتكفیریة حول العالم، انما تشیر الدراسات ایضا، الى أن هذه الحرب كلفت أكثر من 200 ملیون دولار فی كل یوم على الأنظمة المنخرطة فعلیا بالعدوان (السعودیة والامارات والبحرین)، كما هناك أعداد وأرقام عجیبة فی فاتورة هذه الحرب الباطلة وقدر كلفة هذا الحرب من 20 ملیار دولار إلى 660 ملیار دولار والأخر قدره ب 700 ملیار دولار طبعا هذه الأعداد والأرقام تتعلق بنهایة 25 مارس 2017م.
وصرح صندوق النقد الدولی أن الاقتصاد السعودی لهذا العام توقف عن النمو بنسبة تصل إلى صفر فی المائة بسبب انخفاض عائدات النفط، إذ أشارت البیانات الأخیرة إلى نسبة تصل إلى صفر فاصلة واحد فی المائة فی النصف الأول من هذا العام، بعد ما كانت صفرا فاصلة أربعة فی المائة.
وتوقع صندوق النقد الدولی أن یصل العجز بموازنة المملكة 20% من الناتج المحلی، متأثراً بالوضع المالی بسبب انخفاض أسعار النفط، كما یرى المراقبون فی الاقتصاد، أن تكلفة الحرب على الیمن تستنزف الاقتصاد السعودی، كما أن السعودیة وحلفائها، وعلى رأسهم الإمارات التی لها أطماعاً كثیرة فی الیمن، انزلقوا إلى مأزق كبیر وتورطوا فی حرب استنزاف من العیار الثقیل تكاد تشبه الاستنزاف الذی تعرضت له امریكا فی حروبها فی فییتنام وأفغانستان والعراق وقد ظهر هذا الاستنزاف بوضوح فی الإنفاق الهائل على الحرب التی لم تتوقف منذ انطلاقها منذ أكثر من عامین حیث تجبر السعودیة على شراء المزید من السلاح وتوظیف المزید من أموال الشعب السعودی ومدخراته فی هذه الحرب التی لم تحقق أی نتائج ملموسة على أرض الواقع.
أزمة اقتصادیة كبیرة بلغة الأرقام:
تشیر الدراسات الاقتصادیة الى أن معدل نمو الناتج المحلی الإجمالی فی السعودی بلغ عام 2012 نحو 5.4%، لیتراجع إلى 0.1%، أی اقترب من الصفر تقریبا، حسب توقعات صندوق النقد الدولی للعام الجاری، كما تراجع إجمالی الناتج المحلی النفطی الحقیقی من 5.1% عام 2012 إلى السالب، حیث بلغ (-1.9% ) عام 2017، أما الناتج المحلی غیر النفطی الحقیقی فتراجع من 5.5% إلى 1.7% خلال نفس الفترة.
أما الناتج المحلی الإجمالی عام 2012 فقد بلغ حوالی 736 ملیار دولار، وتراجع إلى 646 ملیار دولار عام 2016. ویتوقع صندوق النقد الدولی أن یبلغ 692 ملیار دولار عام 2017.
الأصول الخارجیة هی الأخرى لم تحافظ على مكانتها، إذ انخفض صافی الأصول الخارجیة من 737 ملیار دولار فی 2014, قبل تولی الملك "سلمان بن عبد العزیز" مقالید الحكم، إلى 529 ملیار دولار فی 2016.
كذلك ارتفعت نسبة البطالة فی عهد الملك السعودی الحالی سلمان بن عبد العزیز من 11.5 فی عام 2015 إلى 12.3 فی عام 2016، وتصل هذه النسبة إلى 25% بحسب التقدیرات غیر الرسمیة، رغم العمل على سعودة الوظائف وتسریح آلاف العاملین الوافدین، وبسبب ذلك اقترضت السعودیة لأول مرة من الخارج، لیرتفع الدین العام إلى أكثر من 84.4 ملیار دولار لعام 2016، مقارنة ب38 ملیار دولار فی العام الذی سبقه.
ركود فی سوق الأسهم
كذلك تشهد الطروحات الأولیة فی سوق الأسهم السعودیة حالة من الركود، فی ظل تراجع الأوضاع الاقتصادیة المتراجعة التی تعیشها المملكة بسبب هبوط أسعار النفط، اذ لم تشهد السوق السعودیة طروحات أولیة منذ یونیو/ حزیران 2016، فیما تترقب أول طرح لها خلال العام الحالی لشركة "زهرة الواحة" بعد بدء الاكتتاب الأحد الماضی، مقابل 3 طروحا ت أولیة العام الماضی بقیمة 2.8 ملیار ریال (747 ملیون دولار).
البحث عن مخرج وسط عجز فی السیولة
وفی محاولة لسد العجز المالی لجأت الحكومة السعودیة لسحب أكثر من 80 ملیار دولار من الاحتیاطات الخارجیة منذ أغسطس، وفی خطوة لاحقة خاطبت سلطات المملكة بنوك محلیة لإصدار سندات بقیمة 20 ملیار ریال سعودی (5.33 ملیار دولار) لتمویل عجز الموازنة.
كذلك تعتزم الحكومة السعودیة طرح 5 بالمائة من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام خلال 2018، بهدف استخدام الأموال المتحصلة من الطرح فی تنویع الاقتصاد، الا أن خبراء اقتصاد ارجعوا غیاب الاكتتابات عن السوق السعودیة إلى عدة أسباب رئیسیة، أهمها ضعف سیولة، والأوضاع الاقتصادیة الناجمة عن هبوط النفط، الذی یعد مصدر الدخل الرئیسی فی المملكة، فضلا عن تراجع تقییم الأصول، كما یؤكد عن من التجار والخبراء الاقتصادیین فی الریاض إن اختفاء الاكتتابات من البورصة یعود إلى مجموعة من الأسباب أبرزها تراجع السیولة المتداولة فی السنوات الأخیرة فی البورصة، لتحوم قرب 4 ملیارات ریال حالیا مقابل 6 ملیارات فی وقت سابق، وفی ظل الدورة الاقتصادیة الحالیة، فإن تقییم الأصول أقل كثیرا من السابق، ومن ثم فالشركات التی تنوی طرح جزء من أسهمها ستتعرض لانخفاض فی تقییم أصولها، مقارنة بحال كونها فی دورة اقتصادیة أكثر انتعاشا أو نموا، وهو ما یدفع الشركات لتأجیل الطرح لحین تحسن الأوضاع.
الأوضاع الاقتصادیة السیئة فی السعودیة ودور الحرب على الیمن فی تلك الاوضاع، اجبرت ولی العهد السعودی الأمیر محمد بن سلمان عن البحث مع المسؤولین الغربیین عن مخرجٍ لبلاده من الحرب فی الیمن، اذ كشفت صحیفة الإندبندنت البریطانیة، قبل ایام عن رغبة السعودیة بالخروج من المستنقع فی الیمن وهو ما یشكل تأكیداً قویًا على دور الحرب على الیمن فی انهاك الاقتصاد السعودی.
URL تعقيب: https://www.ansarpress.com/arabic/8095
الكلمات: